نافـورة من بخـارى

شعر فريـد أبو سعـدة

كنتُ أرقـبُ نافورةً
من بخارى
كانت الأفعوانات تصـرخ من
حبسها في النّحـاس
والطيور تحلّق في النمنـمات
ويسبح في الماء ورد وآس
قلت فكّوا لنسمـعَ
فانفكّ صقـر
تلكّأ في زرقة الغيم
ثم استدارا
قلت ما بك غادرتنا
فاستـوى
وألقى بمظلمة في يديّ
وقلـّب عينيه في
وطـارا..!

ميم يحرث في الآبار

شعر محمّد علي شمس الدين

"ميم"
فلاح الغيب
وساقية الأسرار
يحفر أحيانا في القلب
ويحرث أحيانا في الآبار
أثلام الماء على سكّته
تنشقّ
فيخرج منها زبد مبهم
يأخذ "ميم" الماء بكفّيه
كما يأخذ قمح الموسم
ويحدّق فيه
فيبصر صورته
تتماوج بين يديه
فيضغط حتى لا تفلت من بين أصابعه عيناه
هذا الماء
جميل
وعميق
وأنا فيه
كنرجسة في النار
"ميم" الآن ينام على شفة الرؤيا
لا يهبط نحو البئر
ولا يصعد نحو الأمطار

خفقـان العطـر

شعر ناجـي الحـرز

خطوة ما بيننا واحدة
تتمطّى الآن مليون طريق
خطوة ما بيننا واحدة
أصبحت أبعد من وهم غريق
الصبابات التي كانت لظىً
ينتشي في حضنه العهد الوثيق
خمدت نيرانها وانكفأ اللهب المحمومُ
في واد سحيق
وافترقنا
لا الجوى جاء ولا
سورة الشّوق أرادت أن تفيق
الصدى هاجر عن أوتاره ِ
والندى مات على الغصن الوريق
وتمرّين كأنّا لم نكن
خفقان العطر في صدر الرحيق
إيه يا عجلانة الخطو قفي
لا تمرّي كمرور العابرين
وأديري وجهك البكر إلى
وجهيَ العالق في السرّ الدفين
واسكبي عينيك في عينيّ يا
زرقة الموج وزهو الياسمين
فتّشي في مقلتي عن نظرة
لم يكن يسكنها غير الحنين
وابحثي في شفتي عن أحرف
نسيتها لغة المنتظرين
واسأليني أنت عن إسمي فمِن
حقّ ذيّاك الهوى لو تسألين
فعساني أعرف الإسم الذي
كنتِ من عشر سنين تعرفين